السبت، 15 فبراير 2025

كلمات مقتبسة ( صلاح النفس )

                  صلاح النفس


أَعوذُ باللهِ من الشّيطانِ الرَّجيمِ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

  والحَمدُللهِ ربِّ العَالمينَ بارئ الخَلائِقِ أجمعينَ، باعثِ الأنبياءِ والمُرسلينَ، والصلاةُ والسَّلامُ على خاتَمِ النّبيّينَ أبي القَاسِمِ مُحمّدٍ وآلِهِ الطّيبينَ الطّاهرينَ واللّعنُ الدّائمُ على أعدائِهم أجمعينَ.

- اللهم كن لوليك ....

قالَ الحَكيمُ في كتابِهِ المُبينِ: " فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ " (الحجر 92 – 93).

    عِندما نَتأمّلُ في هذه الآيةِ المُباركةِ نُلاحظُ أنَّ جميعَ ما يَصدُرُ من الإنسانِ من قَولٍ وفِعلٍ وعَملٍ سيُسألُ عنه، وقَد دلَّت الرّواياتُ الشّريفةُ بطُرقٍ كَثيرةٍ على هذا المَعنى (وهو سُؤالُ اللهِ وحسابُه يومَ القِيامةِ)، وهنا يَنتبِهُ العَاقلُ إلى ضَرورةِ مُحاسبةِ نَفسِه كما أوصى بذلك النّبيُّ الأعظمُ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ) وأهلُ بيتِهِ الطَّاهرينَ (صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ)، ومِن جُملةِ هذه الوَصايا وصيةُ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ) لأبي ذَرّ (رضوانُ اللهِ عليهِ): " يا أبا ذرّ، حَاسِب نَفسَكَ قَبلَ أن تُحَاسَبَ، فإنَّهُ أهوَنُ لِحِسَابِكَ غَداً، وزِن نَفسَكَ قَبلَ أن تُوزَنَ، وتَجَهَّز لِلعَرضِ الأكبَرِ يَومَ تُعرَضُ لا يَخفَى على اللهِ خَافِيَةٌ "1.

   فيَنبغي للعبدِ المؤمنِ ألا يَغفلَ عن مُحاسبةِ نَفسهِ ومُراقبتِها، فقد رُوِيَ عن الإمامِ الكَاظمِ (صلواتُ اللهِ عليهِ) أنّه قالَ: "لَيسَ مِنَّا مَن لَم يُحَاسِب نَفسَهُ فِي كُلِّ يَومٍ، فَإن عَمِلَ حَسَناً استَزَادَ اللهَ، وإن عَمِلَ سَيّئاً استَغفَرَ اللهَ مِنهُ وتَابَ إليهِ "2.

فالحَذرَ الحَذرَ من النّفسِ الأَمَّارةِ بالسُّوءِ، فاليَومَ عملٌ ولا حسابَ وغداً حسابٌ ولا عَملَ.

    فَمن حَاسَبَ نفسَه خَفَّ في القيامةِ حِسابُه وحَضَرَ عِندَ السُّؤالِ جَوابُه وحَسُنَ مُنقلبُه ومَآبُه، ومَن لم يُحاسِب نفسَه دَامَت حَسَرَاتُه وطَالَت في عَرصَاتِ القِيامةِ وَقَفَاتُه وقَادَتهُ إلى الخِزيِ سَيئاتُه حيثُ قالَ سبحانَه وتَعالى: " وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ " (الحشر 18).

- ولِإصلاحِ النَّفسِ لابُدَّ من أُمورٍ منها:

1 – أن يَتبصَّرَ الإنسانُ عُيوبَه، فإذا أرادَ اللهُ بِعبدٍ خَيراً بَصَّرَه عُيوبَ نَفسِه، فعلينا أن نَتوجَّهَ إلى اللهِ سُبحانَه وتَعالى ونَدعوَهُ بأن يَجعلَ البَصيرةَ في أنفسِنا، وبعدَ ذلك نَبدأُ بإصلاحِ هذهِ العُيوبِ.

2 – مُصاحبةُ الصَّديقِ المُتديِّنِ النَّاصِحِ الشَّفيقِ لِيَكشفَ لك العُيوبَ، فإنّ المُؤمنَ مرآةُ أخيهِ المُؤمنِ وعَينُهُ ودَليلُهُ لا يَخونُه ولا يَخذلُه، فقد رُوِيَ عن الإمامِ الكَاظمِ ( صلواتُ اللهِ عليهِ ): " اجتَهِدُوا في أن يَكُونَ زَمَانُكُم أَربَعَ سَاعَاتٍ، سَاعَةً لِمُنَاجَاةِ الله، وسَاعَةً لأمرِ المعَاشِ، وسَاعَةً لِمُعاَشَرَةِ الإخوَانِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ يُعَرِّفُونَكُم عُيُوبَكُم ويُخلِصُونَ لَكُم في البَاطِنِ، وسَاعَةً تَخلُونَ فِيهَا لِلَذَّاتِكُم في غَيرِ مُحَرَّمِ "3.

فَعليكَ اختيارَ الصاحبِ الذي يُعينُك على إصلاحِ نَفسِك وأمرِ آخرتِك.

3 – مُجاهدةُ النَّفسِ ألا وإنّها ثَمنُ الجّنةِ، وجِهادُ النَّفسِ يُحتِّمُ مُراقبتَها في كُلِّ حَركاتِها وسَكناتِها لئلَّا تَقعَ في الغَفلةِ التي تُؤدِّي إلى الحَرامِ والهَلاكِ فاملِك نَفسَكَ بِدَوامِ جِهادِها وعَاتِبها، فَمَن وَبَّخَ نَفسَهُ على العُيوبِ ارتدَعَت عن كَثِيرِ الذُّنوبِ.

4 – تَزكيَةُ النَّفسِ وتَرويضُها على الطَّاعاتِ واجتِنَابِ المُحرماتِ وفِعلِ الخَيراتِ فإنَّها ذَخيرةٌ باقيةٌ وثمرةٌ زَاكيةٌ.

- ولِمُحاسَبَةِ النَّفسِ ثِمارٌ كثيرةٌ مِنها:

1 – السَّعادةُ فَقد رُوِيَ " مَن حَاسَبَ نَفسَهُ سَعِدَ "4.

2 – الأَمنُ فَحاسِبُوا أَنفُسَكم تَأمَنُوا مِن اللهِ الرَّهبَ، وتُدرِكُوا عِندَه الرّغبَ.

3 – الرّبحُ فَقد رُوِيَ " مَن حَاسَبَ نَفسَهُ رَبِحَ ومَن غَفَلَ عَنهَا خَسِرَ "5.

4 – الصَّلاحُ فَقد رُوِيَ " ثَمَرَةُ المُحَاسَبَةِ صَلاَحُ النَّفسِ "6، ورُوِيَ أيضاً " لا خَيرَ في العَيشِ إلاَّ لِرَجُلَينِ: رَجُلٍ يَزدَادُ في كُلِّ يَومٍ خَيراً، ورَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوبَةِ "7.

ورُوِيَ أيضاً " مَن حَاسَبَ نَفسَهُ وَقَفَ على عُيُوبِهِ، وأَحَاطَ بِذُنُوبِهِ واستَقَالَ الذَّنُوبَ وأَصلَحَ العُيُوبَ"8.

اللهُمَّ إنّي أسألُك بحقِّ مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ عَليكَ صَلِّي على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ واجعلِ النُّورَ في بَصَرِي والبَصِيرَةَ في دِينِي واليَقِينَ في قَلبِي والإخلَاصَ في عَمَلِي والسَّلامةَ في نَفسِي والسّعةَ في رِزقِي والشُّكرَ لك أبداً ما أبقيتَني.

اللهمَّ صلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ، اللهمَّ اجعَل مَحيايَ مَحيا مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ، ومَماتي مَمَاتَ مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ، وارزقنَا في الدُّنيَا زِيارتَهم وفي الآخِرةِ شَفاعتَهم، ولا تُفرِّق بيننا وبينهم طرفةَ عَينٍ أبداً في الدُّنيَا والآخرةِ، اللهمَّ انصُر من نَصَرَ أهلَ بيتِ نَبيِّكَ واخذل من خذلَهم، اللهُمَّ اشغل الظّالمينَ بالظّالمينَ واجعَلنَا بينهم سَالمينَ غَانمينَ، اللهُمَّ اجعل هذا البَلدَ آمِناً وسائرَ بلادِ المُسلمينَ، اللهمَّ اغفِر لنا ولوالدَينا وللمؤمنينَ والمُؤمناتِ، اللهمَّ أعِنَّا على تَأديةِ حُقوقِ وَليِّكَ الحجةِ إليهِ، والاجتهادِ في طَاعتِهِ واجتنابِ مَعصيتِه، وامنُن علينا بِرضاهُ وهَب لنا رأفتَه ورَحمتَه ودعاءَه وخَيرَه ما نَنالُ به سعةً من رَحمتِك.

وإلى مَن مَاتَ على ولايةِ أميرِ المُؤمنينَ نُهدي لهم ثوابَ المُباركةِ الفَاتحةِ تَسبقُها الصَّلواتُ.

 

- خُلاصةُ خطبةِ الجُمُعَةِ ( أُلقِيَت في مَسجدِ أُمِّ البَنِينَ ( عليها السَّلام ) في مَدينةِ صُباحِ الأحمدِ التّاسع من ربيع الأول 1446 للهجرة ).

 

1 – أمالي الطوسي المجلس 19 ح1162.

2 – الكافي ج2 باب محاسبة العمل ح2.

3 –  البحار ج 75 باب مواعظ موسى بن جعفر (ع) ح3.

4/ 6 / 7 - مستدرك الوسائل ج 12 باب وجوب محاسبة النفس ح 5.

5 - الوسائل ج16 بقية أبواب جهاد النفس ح6.

8 – الكافي ج2 باب محاسبة العمل ح15.


السبت، 1 فبراير 2025

كلمات مقتبسة (سلاح المؤمن)

                 سلاح المؤمن




أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

          والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ بارئِ الخلائقِ أجمعينَ، باعثِ الأنبياءِ والمرسلينَ، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ النبيينَ أبي القاسمِ محمدٍ وآلهِ الطيبينَ الطاهرينَ واللعنُ الدائمُ على أعدائهِم أجمعينَ.

- اللهم كن لوليك ....

قال اللهُ الحكيمُ في كتابهِ المبينِ: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " (البقرة – 186 )

         من نِعمِ اللهِ ورحمتِه وفضلِه علينا أن فَتحَ لَنا بابًا للدُّعاءِ، وأَذِنَ لنا بالتّحدُّثِ والدُّعاءِ له، بل دَعوتُه لنا بأن نَدعوه ونَتوجَّهُ إليهِ، ولولا هذا الإذنُ لما تَجرّأنَا على دُعائِه بألسِنتِنا وقلوبِنا المُلوثَةِ بالمَعاصيِ والذُّنوبِ، وطَلبِ الحَاجاتِ.

         إنّ الدُّعاءَ يُمثِّلُ أَهمَ العِباداتِ في الإسلامِ وأعمَّها وأشمَلها وأكثرَها تَأثِيرًا على حياةِ الإنسانِ وسَيرهِ إلى اللهِ عز وجل، وتَزيدُ من الارتباطِ باللهِ، وبها يَصلُ الإنسانُ إلى مراتبِ الكَمالِ والقُربِ للهِ سبحانه وتعالى.

          ولِلأسفِ الكَثيُر مِنَّا غَافلٌ عن الدُّعاءِ وأهميتِهِ، ولا يَلجأُ إليهِ إلا وقتَ الشدائدِ، فلابدَّ لنا أن نَستفيدَ ونَغتنمَ مِن بَركاتِ الدُّعاءِ وآثارهِ العَجيبةِ، فنَدعُو اللهَ تَباركَ وتعالى في جَميعِِ حالاتِنَا (في الشِّدَةِ والرَّخَاءِ، واليُسرِ والعُسرِ، والصّحةِ والمَرضِ...).

فللدُّعاءِ أَهميةٌ عَظيمةٌ لابدَّ للمُؤمنِ ألّا يَغفلَ عنها، فَهِيَ سِلاحُ المؤمنِ كما عُبِّرَ عنها في رواياتٍ عديدةٍ:

عن الإمامِ الصادقِ ( عليه السلام ) قال: قالَ رَسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ): "الدُّعاءُ سِلاحُ المؤمنِ وعَمودُ الدِّينِ ونورُ السَّماواتِ والأَرضِ"1.

   إنّ الدُّعاءَ شُعورٌ وإحسَاسٌ طَبيعيٌ لدى الإنسانِ الذي حَقِيقَتُه الفَقرُ والعَجزُ؛ بلُزومِ الاِرتِباطِ بمَصدرِ الغِنى والكَمالِ والإفَاضةِ والقُدرةِ لهذا العَالَمِ، فالإنسَانُ يَشعُرُ بالنَّقصِ والحَاجةِ فيَتوجَّهُ لطَلبِ الكَمَالِ والغِنى لسَدِّ هذا النَّقصِ والفَقرِ والإعَانةِ على مَشاكلِ الحَياةِ الّتي لا تَنتَهِي، وإنقَاذِهِ من مُلمَّاتِ الأُمورِ، فَهُوَ يَتوجَّهُ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ بِروحٍٍ مُؤمِنةٍ مَملوءةٍ بالأَملِ والرَّجاءِ، فكما يَحتاجُ بدنُ الإنسانِ إلى الغِذاءِ والطَّاقةِ فكذلك تَحتاجُ روحُه إلى من يُغذِّيها ويَسدُ نَقصَها ويُكمِّلُها ويُشبِعُ حاجاتِها الرَُوحيةَ، والدُّعاءُ وسيلةٌ لرَبطِ الإنسانِ باللهِ والتّوجُّهِ إليهِ والاعترافِ بين يديهِ بالذّنُوبِ وإظهارِ حَاجتهِ وفَقرِه في إصلاحِ نَفسِهِ وإنعَاشِ حَياتِهِ وكَسرِ كِبريائِهِ وتَعريفِهِ بحقيقةِ ذاتهِ وحاجتهِ إلى مَصدرِ الخَيراتِ ليَرقى في سلمِ الكَمَالِ، وقد رَكَّزَت الأدعيةُ الواردةُ عن أهلِ البيتِ ( عليهم السلام ) على هذه المَعَاني في نَفسِ المؤمنِ، ففي الدُّعاءِ الوَاردِ عن الإمامِ زينِ العَابدِين (عَليه السّلامُ) في اللًّجُوءِ إلى اللهِ سُبحانَه وتَعالى: " يا غَنيَ الأغنياءِ، هَا نَحنُ عبادُك بينَ يَديكَ، وأنا أفقرُ الفقراءِ إليكَ ... "2.

      فالإنسانُ إذا نَظرَ لِذاتِهِ يَجدُ نفسَه ضَعِيفًا مُندَكًا، وإذا نَظَرَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ولُطفِهِ ورَحمَتِه انتعشَ فيهِ الأملُ وقَويَت فِيهِ الثقةُ حَتّى يُصبِحَ قَويًا مؤمِنًا باللهِ ولا يَأبى الدُّنيا وما فِيها، فقد رُوي عن أميرِ المُؤمنين (صلواتُ اللهِ عليهِ): "الدُّعاءُ مَفاتيحُ النَّجاحِِ ومَقاليدُ الفَلاحِِ، وخَيرُ الدُّعاءِ ما صَدرَ عن صَدرٍ نَقيٍ وقَلبٍ تَقيٍ، وفِي المُناجَاةِ سَببُ النَّجاةِ وبالإخلاصِ يَكونُ الخَلاصُ فإذا اِشتدَّ الفَزَعُ فإلى اللهِ المفزعُ "3.

 - وللدُّعاءِ آدَابٌ يَنبغِي مُراعاتِها كما وردَ عن أهلِ البيتِ (صواتُ اللهِ عليِهم):

1 – رُويَ عن الإمامِ الصّادقِ (عليه السلام): " كلُّ دُعاءٍ يُدعى اللهُ عزّ وجلّ بهِ مَحجوبٌ عن السماءِ حَتى يُصلِّيَ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ"4.

2- تَمجِيدُ اللهِ سبحانَه وتَعالى والثََّناءُ عليهِ والاستغفارُ قبلَ الدَّعاءِ.

3- التّلبُّثُ والإطالةُ في الدُّعاءِ وتَركُ الاستِعجَالِ فِيهِ، فعن الإمامِ الصَّادقِ (عليه السلام): " إنّ العبدَ إذا دَعا لَم يَزَلِ اللهُ تَبارَكَ وتعالى في حَاجتِه ما لم يَستعجلُ "5.

4- الإلحَاحُ في الدعاءِ.

5- تَسمِيةُ الحَاجةِ وتَعيينُها.

وغيرُها من الآدابِ المذكورةِ في كتبِ الأدعيةِ.

 

- ولاستِجابةِ الدُّعاءِ شروطٌ كما وردَ عن أهلِ البيتِ ( صلواتُ اللهِ عليِهم ) منها:

1- معرفةُ اللهِ عزّ وجلَّ، كما قيلَ للإمامِ الصَّادقِ ( عليه السلام ) نَدعُو فلا يُستجابُ لنا، فقال ( عليه السلام): لأنّكم تَدعُون من لا تَعرِفُونَه"6

2- حضورُ القَلبِ ورقَّتِهِ عند الدُّعاءِ وإظهارُ الخُشوعِِ والإقبَالِ عليهِ سبحانه وتعالى، فعن الإمامِ الصَّادقِ ( عليه السلام ): " إنّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا يَستجِيبُ دعاءً بظهرِ قَلبٍ ساهٍ، فإذا دَعوتَ فأقبِل بقَلبِك ثم استَيقِن بالإجابةِ"7.

فعندَ حُضورِ القَلبِ والرَّغبةُ والرَّهبةُ والتَّضرعُ والبكاءُ واليقينُ بالدُّعاءِ يكونُ الدُّعاءُ أقربَ للاستجابةِ.

 

- أمّا مَوانعُ استَجابةِ الدُّعاءِ فكثيرةٌ، منها:

1- اِرتِكابُ الذُّنوبِ والمَعاصِي، فعن الإمامِ البَاقرِ (صلواتُ اللهِ عليهِ): " إنّ العَبدَ يَسألُ اللهَ الحَاجةَ فيكونُ من شأنِه قضاؤُها إلى أجلٍ قريبٍ أو إلى وقتٍ بطيءٍ فيذنبُ العبدُ ذنبًا فيقولُ اللهُ تبارك وتعالى للملكِ لا تقضِ حاجتَه واحرمه إياها فإنّه تعرضَ لسخطي واستوجبَ الحرمانَ مني "8.

2- الظلمُ وأكلُ الحرامِ، فقد رُوي عن الإمامِ الصادقِ ( صلواتُ اللهِ عليهِ ): " إذا أراد أحدُكم أن يُستجابَ له فليُطِب كَسبَه وليَخرُج من مَظالمِ النّاسِ وأنّ اللهَ لا يَرفعُ دعاءَ عبدٍ وفي بطنِه حرامٌ أو عِندَه مَظلمةٌ لأحدٍ من خَلقِه "9.

3- ألا يكونَ الدعاءُ منافيًا للحِكمةِ الإلهيَّةِ.

اللهمّ صلِّ على مُحمّدٍ وآل محمّدٍ، اللهمّ اجعَل مَحيايَ مَحيَا مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ، ومَماتي مَماتَ مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ، وارزقنَا في الدُّنيا زِيارتَهم وفي الآخرةِ شفاعتَهم، ولا تُفرّق بيننا وبينهم طرفةَ عينٍ أبداً في الدًّنيا والآخِرة، اللهمّ انصُر من نصرَ أهلَ بيتِ نبيِّك واخذِل من خذلَهم، اللهمّ اشغل الظالمينَ بالظالمينِ واجعلنَا بَينهم سالمين غَانمين، اللهمّ اجعل هذا البَلد آمناً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، اللهم اغفِر لنا ولوالدَينا وللمُؤمنين والمؤمنات، اللهم اعِنَّا على تأديةِ حُقوقِ وليِّك الحجةِ إليه، والاجتِهادِ في طاعتِهِ واجتنابِ معصيَتِه، وامنُن علينا برضَاه وهَب لنَا رَأفتَه ورحمتَه ودعاءَه وخيرَه ما ننالُ به سعةً من رحمتِك.
وإلى مَن ماتَ على ولايةِ أميرِ المؤمنين نَهدي لهم ثوابَ المباركةِ الفاتحةِ تَسبقُها الصلوات.
- خلاصةُ خُطبةِ الجُمعةِ (أُلقِيَت في مَسجدِ أمِّ البَنين عليها السّلام) في مَدينةِ صُباح الأحمد الرابع عشر من ذي الحجة 1445 للهجرة ).
 
 ------------------------------------------------------------------------------------------
1 ، 3 – الكافي ج2 باب أن الدعاء سلاح المؤمن.
2- الصحيفة السجادية (ابطحي) ص75
4- الكافي ج2 باب الصلاة على الني محمد وأهل بيته عليهم السلام.
5- الوسائل ج7 باب كراهة العجلة في الدعاء.
6- التوحيد للصدوق باب أنه عز وجل لا بعرف إلا به ح7.
7- الكافي ج2 باب الاقبال على الدعاء.
8- الكافي ج2 باب الذنوب.
9- سفينة البحار ج 3 التمجيد قبل الدعاء.

كلمات مقتبسة في فضل أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )

  أَعوذُ باللهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجيمِ بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ والصّلاةُ والسّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمُرسَلِينَ أبِي الزّهراءِ مُ...